بلد نيوز

الاستثمار يمثل حجر الزاوية في هذا القطاع - بلد نيوز

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الاستثمار يمثل حجر الزاوية في هذا القطاع - بلد نيوز, اليوم الخميس 21 نوفمبر 2024 11:17 صباحاً

عزيزي القارئ، يُعد قطاع التقنية الحيوية من أكثر المجالات الواعدة للابتكار والنمو الاقتصادي على مستوى العالم، حيث تكمن قوته في تحويل الاكتشافات العلمية إلى منتجات ملموسة تحسن حياة الأفراد وتحقق عوائد اقتصادية كبيرة.

ومع ذلك فإن تحويل هذه الابتكارات إلى السوق يعد رحلة طويلة وصعبة تتطلب موارد ضخمة واستثمارات كبيرة قد تصل إلى مئات الملايين من الدولارات.

تطوير الأدوية الجديدة على سبيل المثال يتطلب المرور بمراحل متعددة، تشمل المرحلة ما قبل السريرية وثلاث مراحل سريرية، حيث تواجه كل مرحلة تحديات مالية وتنظيمية خاصة بها.

هذا الواقع يبرز أهمية الاستثمار في التقنية الحيوية، حيث لا يمكن لأي اكتشاف علمي أن يتحول إلى منتج معتمد دون الحصول على التمويل اللازم.

تعمل الشركات الناشئة في مجال التقنية الحيوية على تطوير منتجات جديدة من خلال اتباع مسار منهجي يبدأ بالمرحلة ما قبل السريرية، حيث تُجرى أبحاث مكثفة لضمان سلامة المركبات الكيميائية أو الحيوية وفعاليتها قبل اختبارها على البشر.

بعد ذلك تبدأ التجارب السريرية التي تنقسم إلى ثلاث مراحل: المرحلة الأولى تركز على أمان الدواء وتحديد الجرعة المناسبة، بينما تهدف المرحلة الثانية إلى تقييم فعالية الدواء في مجموعة صغيرة من المرضى، وتُجري المرحلة الثالثة اختبارات على نطاق أوسع لضمان تحقيق نتائج ذات دلالة إحصائية.

فقط بعد اجتياز هذه المراحل يمكن للدواء الحصول على الموافقة التنظيمية والدخول إلى السوق. ومع ذلك فإن الفشل في أي من هذه المراحل قد يؤدي إلى فقدان سنوات من العمل واستنزاف الموارد المالية.

وعلى الرغم من أن ابتكار وتطوير الأجهزة الطبية أو التقنيات الحيوية الأخرى قد يتطلب استثمارات أقل مقارنة بالأدوية، إلا أنه لا يزال يعتمد بشكل كبير على التمويل لضمان الانتقال من مرحلة البحث إلى مرحلة التسويق.

التكاليف المرتبطة بإجراء التجارب السريرية، والحصول على الموافقات التنظيمية، وبناء القدرات التصنيعية تجعل من الواضح أن الاستثمار يمثل حجر الزاوية في هذا القطاع.

ومع ذلك فإن الوصول إلى هذا التمويل يمثل تحديا كبيرا للعديد من رواد الأعمال في مجال التقنية الحيوية.

عادة ما تبدأ رحلة تأمين الاستثمار بمرحلة التمويل التأسيسي الذي يأتي غالبا من مستثمرين أفراد ذوي ملاءة مالية أو ما يُعرف بـ"المستثمرين الملائكيين".

تستخدم هذه الأموال في تأسيس الشركة، وتوظيف الكوادر الأساسية، وبدء الأبحاث المبكرة.

ومع تقدم الشركة، تسعى للحصول على تمويل من شركات رأس المال المغامر لدعم المراحل المكلفة مثل التجارب السريرية والإجراءات التنظيمية.

ولكن بالنسبة لمعظم شركات التقنية الحيوية، تكون متطلبات التمويل للمراحل المتقدمة والتسويق التجاري مرتفعة للغاية، بحيث تحتاج في النهاية إلى طرح أسهمها في السوق العام من خلال الاكتتاب العام لجذب اهتمام أوسع من المستثمرين.

على الرغم من أهمية الاستثمار، تواجه العديد من المناطق خارج الولايات المتحدة تحديات كبيرة في تمويل مشاريع التقنية الحيوية.

هناك عوامل هيكلية وتاريخية تجعل الأسواق الاستثمارية في أوروبا وأجزاء أخرى من العالم أقل كفاءة مقارنة بالولايات المتحدة.

من أبرز هذه التحديات هو تجزئة الأسواق، حيث إن الأسواق الاستثمارية في أوروبا، على سبيل المثال، موزعة بين العديد من الدول والأسواق المالية، مما يجعل من الصعب على الشركات الناشئة الوصول إلى رأس المال الكافي الذي تحتاجه.

كما أن طبيعة المستثمرين تشكل تحديا إضافيا، ففي العديد من المناطق خارج الولايات المتحدة، يفتقر المستثمرون إلى التخصص في مجالات التقنية الحيوية، حيث يركز الكثير منهم على الاستثمارات العامة بدلا من المشاريع المتخصصة.

بالإضافة إلى ذلك غالبا ما تكون الشركات الناشئة صغيرة جدا بحيث لا تجذب انتباه المستثمرين الكبار والمتخصصين.

هذا المزيج من تجزئة الأسواق ونقص المستثمرين المتخصصين، وصغر حجم الشركات يؤدي إلى عدم كفاءة الأسواق، مما يعيق نمو هذا القطاع.

عدم كفاءة أسواق الاستثمار في المناطق خارج الولايات المتحدة له آثار بعيدة المدى.

فغالبا ما تواجه الابتكارات العلمية الواعدة صعوبة في تأمين التمويل اللازم للتقدم إلى مراحل التطبيق العملي.

هذا الأمر يعد مشكلة كبيرة نظرا للطبيعة الكثيفة لرأس المال المطلوب لتطوير التقنية الحيوية.

دون تمويل كافٍ تظل العديد من الاكتشافات العلمية حبيسة المختبرات، مما يعيق تحقيق فوائدها المحتملة على المجتمع والاقتصاد.

في الختام يمثل قطاع التقنية الحيوية دليلا على قوة العلم والابتكار في تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين حياة الأفراد.

ومع ذلك فإن الطريق إلى النجاح ليس خاليا من العقبات. الاستثمار هو العمود الفقري لتطوير التقنية الحيوية، وتأمينه يتطلب معالجة التحديات الهيكلية والثقافية والتنظيمية.

من خلال تبني نهج استباقي ومتكامل، يمكن للمناطق حول العالم أن تضع نفسها كرائدة عالمية في مجال التقنية الحيوية، مما يضمن تحويل الاكتشافات العلمية إلى فوائد ملموسة للمجتمع وعوائد اقتصادية قوية.

nabilalhakamy@

أخبار متعلقة :