تحقيق: سومية سعد
شهدت مهلة تصحيح أوضاع المخالفين إقبالاً متزايداً من أسر وجدت نفسها في وضع غير قانوني، وجاءت هذه المبادرة لتمثل لهم طوق النجاة وفرصة لبدء حياة جديدة على أرض دولة الإمارات.
تأتي المهلة ضمن حملة «نحو مجتمع أكثر أماناً»، التي أطلقتها الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ، ودخلت حيز التنفيذ منذ الأول من شهر سبتمبر الماضي، وكان مقرراً أن تنتهي بنهاية أكتوبر الماضي، وتقرر مدها حتى 31 ديسمبر المقبل، لمنح المخالفين مزيداً من الفرص لإعادة تنظيم أوضاعهم وتفادي التبعات القانونية.
وفي لقاء ل «الخليج» مع عدد من الأسر ممن وجدوا في مركز تسوية الأوضاع بالعوير، أكدوا أنهم كانوا يعيشون معاناة كبيرة وما إن تم الإعلان عن هذه المبادرة، شعروا بأن أبواب الأمل فتحت لهم من جديد.
وتأتي مبادرة تسوية أوضاع المخالفين ضمن التوجهات الإنسانية وقيم التسامح والتراحم والتلاحم المجتمعي السائدة في دولة الإمارات، وتقديم الدعم الاستثنائي للمخالفين، ومواصلة عملهم وعيشهم بالدولة في إطار احترام القانون.
وسمحت هذه الخطوة للعديد من المخالفين بتعديل وضعهم أو مغادرة البلاد بسهولة، بعد إلغاء الغرامات والعقوبات القانونية، حيث اضطر بعضهم للمخالفة لتعذر الحصول على وظيفة، أو لمواجهة مشاكل قانونية
فرصة عمل
يروي السيد عامر، أنه جاء إلى الدولة منذ سنوات وأنجب 3 أبناء، لكنه خسر عمله منذ جائحة «كورونا» تعذر حصوله على وظيفة أو ممارسة عمل آخر، وبعد فترة انتهت إقامته وتراكمت التزاماته المالية والقانونية، وتأثرت الأسرة بأكملها بسبب هذه الأوضاع، حيث لم يحصل أصغر الأبناء على وثائق رسمية طوال حياته بسبب تراكم الغرامات وغياب الأوراق القانونية
ومن خلال الاستفادة من العفو، تمكنت الأسرة من تسوية أوضاعها، ما يمنحها الفرصة لمستقبل أفضل وحياة أكثر استقراراً بعد أن حصل الأب على وظيفة
أما حاتم سعد، سوري الجنسية، قال إنه بسبب ظروف الحرب في بلاده جاء مع أولاده الخمسة وفتح محلاً تجارياً، لكن خسر المحل وتراكمت ديونه ووصلت إلى 500 ألف درهم، حتى جاءت المهلة ومثلت فرصة كبيرة لتعديل أوضاعه، وأكد أن هذه المبادرة لا توجد في أي دولة بالعالم، وأنه يحب الإمارات بسبب ما تقدمه لكل مقيم يعيش على أرضها لينعم بالحياة والعيش الكريم.
180 درجة
قال أبو بكر عدي، هندي الجنسية، إنه كان يعمل لدى شركة نظافة حتى أغلق صاحب المنشأة أعماله وعاد إلى دولته، فبحث عن عمل في أماكن آخر، لكن من دون جدوى، وظل مخالفاً منذ عامين إلى أن جاءت مهلة تصحيح الأوضاع التي وصفها بأنها حدث كبير ومهم بسبب عدم تحميل العامل أي أعباء مالية ترتبت على مخالفته للإجراءات وقوانين الإقامة والعمل
وقال: «لم أدفع أي شيء عند تعديل وضعي على الرغم من أنه كان يجب دفعي أكثر من 17 ألف درهم مخالفات، هذا كرم زائد من الإمارات، الحياة تغيرت للأحسن 180 درجة، سأعيش حياة مطمئنة أنا وأهلي وكل أسرتي.
أما ماري تيس، فلبينية الجنسية، وهي الابنة الصغري في عائلتها، قالت إنها وأخواتها يعيشون منذ فترة طويلة في الدولة، لكن مع ظروف مرض والدتها التي تعيش في دبي منذ ما يقرب من عشرين عاماً، تعثر عودتهم إلى بلدهم وتخطوا مدة الإقامة، وكان كل همهم هو جمع أموال الغرامات، لكن جاءت المبادرة لتعفيهم من أي غرامات مالية، وسيستخدمون الأموال التي جمعوها في بدء مشروع تجاري عبر الإنترنت.
صفحة جديدة
أعرب أحمد علي، رب أسرة مصرية، عن شكره لقيادة الدولة، والقائمين على المبادرة التي فتحت صفحة جديدة من دون غرامات وحرمان من الدخول في المستقبل، وخففت عنه كثيراً من الأعباء المالية.
وقال إن سبب مخالفته هو مرض زوجته بسكتة دماغية، وهو ما تطلب زرع جهاز لتنظيم ضربات القلب، وواجه قيوداً على السفر بسبب حالتها الصحية وخوفها من حدوث انتكاسة وترك أولادها، ما أجبر العائلة على تجاوز مدة الإقامة، ولم يكن لدى العائلة نية للبقاء بشكل غير قانوني، لكن هذه الظروف الاستثنائية أجبرتهم على ذلك، ومع إعلان العفو، شعر والعائلة بارتياح كبير.
وقال حمزة غول، سوداني الجنسية، وجاء لمركز تسوية الأوضاع لإنها إجراءات مغادرة الدولة، أن المهلة تعكس الوجه الإنساني لدولة الإمارات وقيم التسامح والتراحم في المجتمع، فمن يقف عند مداخل ومخارج هذه المراكز سوف يلاحظ كيف تتبدل ملاح القلق والتوتر البادية على وجوه المخالفين إلى فرحة وسعادة تزينها ابتسامتهم وهم منجزون إجراءاتهم في دقائق معدودة.
وقالت ريا، فلبينية، إنها تعيش في الدولة منذ 20 عاماً ومخالفة منذ 7 سنوات، ولم تستطع تعديل أوضاعها في المهلة الماضية عام 2018، وظلت الرغم من ذلك داخل الدولة، لأنها ستظل الملاذ الآمن لكل من يلجأ إليها، ولفتت إلى أن ظروفاً صعبة دفعتها لعدم مغادرة الدولة عند انتهاء عقد عملها.
شكراً للإمارات
قال عبد الكريم صافي، مغربي الجنسية، إنه بسبب خلاف مع صاحب العمل، احتفظ الأخير بجواز سفره ضارباً عرض الحائط بالقانون، وبهذا الإجراء غير القانوني، حرمه من العمل لدى جهات أخرى وتراكمت عليه المخالفات ولم يستطع دفعها، إلى أن جاءت المهلة وقام بتعديل أوضاعه هو وزوجته، كما حصل على فرصة عمل.
أما جابور أحمد، بنغالي الجنسية، فقد جاء بتأشيرة إقامة للعمل في محل حلويات، إلا أنه اكتشف أنه غير لائق طبياً عند أجرائه الفحص الطبي، وبالتالي لم يستكمل إجراءات تثبيت الإقامة، ولم يغادر الدولة وظل مخالفاً منذ نحو عام.
وقال: «أريد أن أذهب إلى وطني، لكن كانت عليِّ مخالفات مالية ولا أستطيع أن أدفعها.. المهلة التي منحتها حكومة الإمارات رفعت عني الضغط والتوتر الذي أعيشه، شكراً لدولة الإمارات، التي قدمت هذه المهلة التي منحتني نقطة بداية جديدة للحياة.
ويستعرض علاء غازي، من الجزائر، قصته الصعبة التي انتهت تفاصيلها، حيث كان يقيم هو وأسرته في شقة بدبي إلى أن خسر عمله وتراكمت عليه الديون، وأقيمت ضده دعوى قضائية لعدم سداد مستحقات إيجارية، ولأن معه أطفال صغار لم يستطع المجازفة والخروج من الدولة، لذا اضطر للمخالفة عدة سنوات إلى أن جاءت المهلة وانتهت هذه المعاناة.
اغتنام الفرصة الذهبية
قال عبدالله لشكري مدير إدارة العلاقات العمالية في قطاع تنظيم العمل، بالإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في دبي، إن هناك عدداً من شركات القطاع الخاص راغبة في توفير فرص عمل للمخالفين.
ودعت الإدارة الراغبين في مغادرة الدولة من حملة الإقامات الصادرة من الإمارات الأخرى، مراجعة الإمارة التي صدرت منها الإقامة، وفي حال رغبتهم بالبقاء في الدولة وحصولهم على فرصة عمل في دبي، يمكنهم تعديل أوضاعهم في أحد مراكز آمر النموذجية بغض النظر عن ملفهم لدى الإمارات الأخرى.
كما ناشدت المخالفين باغتنام هذه الفرصة الذهبية والعيش بحرية وهدوء نفسي على أرض الدولة أو العودة الطوعية لأوطانهم، مؤكدة دعمها الكامل للجميع داعية الراغبين في الحصول على المزيد من المعلومات أو الاستفسارات، التواصل مع مركز الاتصال «آمر» على الرقم 8005111، إذ يعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.
0 تعليق